الفصل الرابع

هوى قلب روض بفزع وهي تميل للخلف، لكنّها وجدت نفسها في لحظة تنجذب إلى جسد قوي أحاطتها ذراعاه بإحكام .. قلبها تقافز حين شعرت به، وفي لحظة عادت لأشهر ماضية ورائحته تتسلل لأنفها الحساس وتشدها إلى غيمتها الوردية في الحال.

هل تحلم الآن أم أنّها سقطت، وقلادتها تهشمت والرائحة تتسلل إليها في لا وعيها .. لا .. هي تشعر به ... هذا الدفء .. هذه الرائحة .. تعويذتها .. نغمتها العطرية الأصلية .. رائحته هو.

ابتسمت بسعادة وهي تلتقط نفسًا أعمق بينما تفتح عينيها، لتتبخر غيمتها الوردية حين التقتا بعينيه .. انتفضت للخلف شاهقة، لكنّه أسرع يمسكها قبل أن تسقط وشدها هاتفًا

"انتبهي"

تفجرت الدماء في وجنتيها بينما يردف بابتسامة حبست أنفاسها أكثر

"يبدو أنّ الوقوع من هواياتكِ المفضلة"

ارتجفت شفتاها وهي تبحث عن الكلمات وشعرت بقلبها يكاد يتوقف خجلًا وحرجًا، فدفعته وأسرعت تتجاوزه إلى شقتها، لا تعرف كيف فتحت الباب بيدها المرتجفة، وسمعت ضحكته خلفها وهو يقول

"ماذا؟ ستهربين مجددًا؟"

فتحت الباب بسرعة ودخلت، استندت إليه بأنفاس متسارعة ذاهلة

"على الأقل تركتِ سلة زهور هذه المرة"

إنّه يتذكرها. هتف قلبها مرتجفًا بسعادة، أحاطت وجنتيها المشتعلتين بكفيها هامسة

"إنّه يتذكرني، لم ينس لقاءنا"

لم تكن لحظة عابرة عنده. عبست فجأة ونهرها عقلها لتستفيق من أوهامها الوردية، هل أنتِ حمقاء؟ ربما تذكر لتوه أو...

رن جرس الباب فجأة مسببًا انتفاضتها، التفتت لتنظر عبر العين السحرية فوجدته يفتح باب شقته ويدلف، وقبل أن يغلقه توقف ناظرًا إلى بابها بابتسامة واسعة. شهقت وهي تتراجع كأنّما ضبطها متلبسة بمراقبته، ثم عاودت النظر لتجده اختفى، انتظرت لحظات قبل أن تفتح الباب وخفق قلبها حين وجدت سلتها وقد جمع فيها زهورها، لمحت ورقة مطوية فوقها فاختض قلبها أكثر وألقت نظرة نحو بابه وخانتها ابتسامتها. فتحت الورقة ما أن دخلت بيتها

"أخشى أن يكون هذا حلمًا آخرًا لذا رجاءً، لا تهربي مجددًا يا ساحرة.

بالمناسبة... سرقت وردة أخرى من ورداتكِ"

كان قلبها يتراقص مع الكلمات ولم تكد تنتهي منها حتى ضمتها لقلبها مغمغمة بسعادة

"إنّه يتذكرني فعلًا .. لم ينسني"

وعادت تنظر للورقة وضحكت

"قال عني ساحرة... يا ربي"

وأخفت وجهها بين كفيها بضحكة حمقاء خجولة قبل أن تنتبه لنفسها وتهتف بجدية فاشلة

"بنت تهذبي، ماذا يعني قال ساحرة أو ما زال يتذكركِ؟ ماذا؟ هل ستفضحين نفسكِ أمامه بهذه السهولة؟"

وتحركت للداخل مواصلة بحزم مفتعل

"يجب أن تتعقلي وتتصرفي أمامه كفتاة جادة وابتعدي تمامًا عن الذوبان الأحمق الذي أصابكِ . هذا لن يحدث مجددًا، فهمتِ؟"

عادت تنظر لرسالته لتعود ضحكتها الحمقاء وارتمت على الأريكة هاتفة

"قال أنني ساحرة، والله قالها"

واستسلم عقلها وانسحب متأففًا تاركًا قلبها الأحمق يتراقص بعد أن فشل في زرع بعض التعقل والحكمة فيه وتركه وصاحبته يهيمان في غيمتهما الحمقاء.

***********************

قاوم حسن ابتسامته، التي تخونه كلما تذكر ما حدث .. لقد انتظر خلف الباب متطلعًا عبر العين السحرية ليراها وهي تلتقط السلة وفوقها رسالته .. قاوم أفكاره وعاد بانتباهه لأمه التي كانت تغمره باهتمامها، تضع أمامه كل ما طهته من طعام لا يعرف متى وجدت الوقت لتصنعه .. تراجع في مقعده هاتفًا بينما تضع أمامه قطعة كبيرة من الدجاج المشوي

"يكفي يا أمي .. لم يعد هناك مكان فارغ في معدتي .. سأختنق من كثرة ما أطعمتِني يا غالية"

قالت وهي تربت على ظهره، وسعادتها لا تكاد تسعها

"بعد الشر عنك يا حبيبي .. كل يا بني ... لقد فقدت نصف وزنك في الغربة"

ضحك قائلًا

"أمي لقد زاد وزني بسبب الأكل الجاهز"

مطت شفتيها بتحسر

"يا حبيبي .. من اليوم وصاعدًا سأعمل لك كل الأكلات البيتية التي تحبها .. صحتك بالدنيا يا حبيب أمك"

ابتسم وهو يتناول كفها وقبلها متمتمًا

"مؤكدٌ اشتقت لطعامكِ اللذيذ، لكن اشتقت لحنانكِ وحضنكِ أكثر بكثير"

قاومت دموعها وهي تمسح على خده

"ربي يحفظ لي إياك من كل سوء يا حبيبي .. ويكتب لك في كل خطوة سلامة ولا يكتب علينا الفراق مرة أخرى"

"آمين يا رب"

ردد مؤمنًا على دعائها وقبّل كفها مرة أخرى قبل أن ينهض

"حمدًا لله .. سفرة دائمة يا حاجة سوسو"

ضربته على كتفه

"تهذب مع أمك يا ولد"

ضحك غامزًا

"إن لم أدللكِ أنا يا سوسو فمن سأدلل؟"

لم تترك الفرصة وهي تهتف خلفه بلهفة

"تدلل زوجتك يا حبيب أمك"

هز رأسه وهو يتجه للحوض ليغسل يديه بينما أسرعت مواصلة وهي تتناول المنشفة

"أنا متأكدة أنّني سأفرح بك قريبًا .. لن تفلت مني هذه المرة ولن تستطيع أن ترفض البنت التي رأيتها لك"

أطل برأسه عبر الباب وضحك

"لا فائدة يا سوسو .. تمارسين مهامكِ الأمومية حتى وأنا مسافر"

زمت شفتيها باعتراض، فأسرع يخرج وتناول منها المنشفة ومال مقبلًا رأسها

"أمزح معكِ يا ست الكل"

عاد وجهها لإشراقه ورددت بحماس

"آه يا حسن لو رأيتها .. ستفقد عقلك من جمالها ورقتها وأدبها"

جفف يديه وعلق المنشفة بينما تواصل

"بنت ولا كل البنات .. سبحان من خلقها"

همس وعيناه تشردان في عينين تلمع فيهما النجوم بفتنة

"سبحان من خلقها وصورها"

قطبت بدهشة

"هل تقول شيئًا؟"

انتبه لنفسه فأسرع يقول وهو يتناول كفيها

"أقول لماذا لا تجلسين وأنا سأصنع حالًا أحلى كوبي شاي بالنعناع وآتي حالًا"

فتحت فمها لتعترض فأسرع يديرها نحو الصالة

"هيا يا ست الكل استريحي أنتِ وسآتي بسرعة لتخبريني كل ما عندكِ"

لمعت عيناها بطريقة أسعدته فقال قبل أن يتركها

"أنا مشتاق بشدة لأسمعكِ وأتحدث معكِ يا غالية"

*********************

لا يعرف ضياء كيف احتمل ساعات العمل الثقيلة حتى مضت ليندفع بعدها مغادرًا بسرعة ودون أن يهتم بالرد على نداءات زميله المندهش .. لم يكن شيء آخر يهمه في هذه اللحظة سوى رؤيتها .. لم يستطع اللحاق بها صباحًا بسبب ضرورة حضوره ذلك الاجتماع المزعج.

ابتسم وهو يقفز في سيارته وينطلق بها .. في الواقع حضوره العمل كان مثل عدمه فقد ظل مشغول البال طيلة الوقت .. خياله كله كان معها .. نظر في ساعته وزفر بحرارة .. قليلًا بعد وسيراها .. فليدعو الله أن تكون بالمحل .. حاول بث الطمأنينة في قلبه مذكرًا إياه أنّه قرأ على بطاقتها مواعيد المحل من التاسعة صباحًا إلى التاسعة مساءً .. إذن لا بد ستكون هناك.

قاد بسرعة وخلال دقائق قليلة قطع المسافة التي تفصله عن محلها وأسفل شجرة وارفة الظلال ركن سيارته وترجل منها .. استند إليها ناظرًا لواجهة المحل الزجاجي ورآها .. تراقص قلبه بجنون وعيناه تتمليان منها من هذه المسافة مقاومًا بشدة رغبته الاقتراب منها بأي حجة .. هل يذهب ويدعي أنّه زبون ويشتري باقة زهور فقط ليراها عن قرب؟

تأملها وهي تقف وسط زهورها تنسقها بعناية بينما تتبادل الحديث مع فتاة أخرى تساعدها .. ضحكت فارتجف قلبه بحماقة ... لقد سقط بالفعل .. كيف يمكنه الوقوع في حب فتاة رآها مرة واحدة؟ .. صحيح كانت واحدة لكنّه كان يراها يوميًا في يقظته وأحلامه .. بحث عنها بين وجوه الركاب لأشهر .. رائحة عطرها الساحرة لم تترك مخيلته .. وشاحها الوردي ما زال معه .. ينام كل ليلة وهو تحت وسادته فتزوره صاحبة الوشاح والعطر في منامه لتسرقه من نفسه أكثر .. لم يدرك حتى اللحظة حجم المشكلة التي وقع فيها .. كيف كان سيقضي عمره بهذه الطريقة يطارد طيفًا لا يمكنه العثور عليه؟ .. والآن .. تضاعفت مشكلته .. كيف يمكن أن يمضي مبتعدًا من هنا؟ .. قلبه يخشى التحرك خطوة فربما تختفي .. ربما يفتح عينيه ويكتشف أنّ كل هذا حلمٌ لا أكثر .. تحسس قلبه المرتجف وهمس مهدئًا

"بل هي حقيقة يا صاحبي .. حقيقة أجمل من ألف حلم"

حرك قدميه بصعوبة شديدة واعدًا قلبه أنّه سيراها غدًا وبعده .. سيراها كل يوم حتى يجد الشجاعة ليقترب ويخبرها بمشاعره .. كان هذا قرار عقله بالأحرى .. ألا يتسرع قبل أن يعرف عنها كل شيء .. وهو يعرف كيف ومن سيساعده .. فقط ليدعو الله أن توافق على العمل معها وبعدها سيكون كل شيءٍ سهلًا.

*********************

تنهدت روض وعيناها شاردتان في السقف وأصابعها تحتضن قلادتها .. قربتها من فمها تقبلها ثم همست

"ماذا سنفعل في هذه الورطة؟ .. كيف سأقابله دون أن أفضح نفسي أمامه؟"

غطت وجهها بكفيها وتقلبت في فراشها بضحكات محرجة طفولية

"لا أصدق .. ماذا أفعل؟ .. تعقلي يا روض"

عادت ترقد على ظهرها مرددة بابتسامتها الحمقاء

"لا أستطيع .. يا ربي .. هل يمكن أن يكون قد وقع في حبي لحظتها؟"

تقلبت على الفراش بضحكاتها البلهاء التي توقفت فجأة عندما سمعت شذى تقول ساخرة

"لا حول ولا قوة إلا بالله .. هل فقدتِ عقلكِ يا روض؟"

احمر وجهها بشدة والتفتت لها بتجهم

"لماذا تتقلبين وتضحكين هكذا؟ .. أضحكيني معكِ"

اعتدلت بشفتين مزمومتين متمتمة

"دمكِ شربات .. لماذا لا تحتفظين بتعليقاتكِ العبقرية لنفسكِ؟"

ضحكت وهي تجلس قربها، ثم ضربتها فجأة فتأوهت روض

"لن أحتفظ بها لنفسي بينما أراكِ تتصرفين بغرابة طيلة اليوم .. ماذا حدث؟"

غمغمت متحاشية النظر لها

"لا شيء .. أنتِ تبالغين .. ألا أتصرف هكذا في العادة؟"

أخبرتها رافعةً أحد حاجبيها

"في العادة تتصرفين بغرابة نعم، لكن صراحة اليوم تخطيتِ كل المراحل .. أخبريني حالًا .. ماذا حدث اليوم وجعلكِ لا تكادين تجلسين ثانية في سكون؟"

رمقتها بتردد وفتحت فمها لتخبرها لولا أن رن جرس الباب .. تبادلتا النظرات قبل أن تهتف شذى

"لا، ليست أم حسن .. ما الذي سيحضرها الآن؟"

ضحكت روض وكادت تعلق لولا أن عقلها انتبه فجأة جامعًا التفاصيل التي فاتتها .. كيف لم تنتبه؟ .. أم حسن لديها ابن وكان مسافرًا .. قالت أنّه سيعود قريبًا .. اتسعت عيناها وخفق قلبها لتندفع من الفراش هاتفة

"سأفتح الباب"

هتفت شذى من خلفها

"توقفي يا حمقاء .. ارتدي حجابكِ على الأقل"

تجمدت منتبهة لبيجامتها وشعرها المكشوف بينما ضحكت شذى

"سأرى من بالباب .. لدي إحساس أنّها ستصدمني كالعادة"

هتفت فيها وهي تندفع لترتدي إسدالها بسرعة

"لا .. انتظري .. لا تفتحي .. بالله عليكِ لا تفتحي"

قطبت ترمقها باستغراب ثم ضحكت وهي تراها تتقافز في الغرفة وأطرافها تتصارع داخل الإسدال محاولة ارتدائه .. اتجهت لها وساعدتها لتخرج رأسها من بين القماش المتشابك

"على مهلكِ .. لن يطير الطارق .. لماذا لم تدعيني أفتحه إن"

لم تكتمل جملتها حين طارت روض من أمامها بينما تلف وشاح الإسدال حول رأسها وفي ثانية كانت تفتح الباب هاتفة بأنفاس متسارعة وعينين لامعتين

"مرحبًا"

لم تنتظر حتى لتنظر عبر العين السحرية كأنّما قلبها أخبرها من الطارق .. لم تنظر حتى نحو أم حسن الواقفة جواره تهم بقرع الجرس .. عيناها اللامعتان الهائمتان توقفتا عليه وخفق قلبها بعنف حين ارتسمت ابتسامة رائعة على شفتيه وهو يرد تحيتها

"مرحبًا آنستي"

شعرت بخلاياها تتحول إلى هُلام وكادت تستند للباب متنهدة بهيام، لولا أنقذتها شذى حين تقدمت تشدها مرددة بترحيب

"أهلًا وسهلًا يا خالتي أم حسن .. توقعت أنّها أنتِ"

وضربت أختها على ظهرها تنبهها لتعتدل في تصرفاتها بينما تقدمت أم حسن للأمام هاتفة بحبور

"أهلًا بكِ يا حبيبتي .. آسفة لو أتينا في وقت متأخر"

قاومت شذى لسانها الذي أراد بشدة أن يخبرها أنّها اعتادت ولم تعد تستغرب .. انتبهت لنظرات حسن التي لم ترتفع عن أختها الهائمة فهتفت بغيظ تقاطع تواصل أعينهما

"أهلًا بحضرتك .. لا بد أنّك الدكتور حسن"

قالتها وهي تدوس على قدم أختها بحنق، ثم أشارت للداخل

"تفضلا .. تفضلا .. البيت بيتكما"

لم تحتج أم حسن للدعوة من الأساس، وأسرعت تدخل هاتفة بحماس

"ابني حسن وصل اليوم وأصر على أن يأتي ليرحب بكما، فقد كان مسافرًا وقت انتقلتما"

تمتمت وهي ترمق أختها بنزق

"بك الخير والله يا دكتور حسن .. تفضل"

تقدم شاعرًا بارتباك وحرج شديد بعد إصرار أمه على ضرورة زيارة جيرانهما الجدد .. صحيح أنّ جزءًا منه لم يقاوم عندما عرف من تقصد بالجيران الجدد ولم يمانع إطلاقًا بعدها .. دلف بتوتر وحرج امتزجا بسعادة لم يشعرها منذ وقتٍ طويل وعيناه تختلسان النظر نحو ساحرته التي كانت تختلس إليه النظرات بدورها .. كيف يمكن أن يرى فتاة ترتدي إسدالا غير مهندم كأجمل ما يكون؟

قاوم مشاعره وتقدم منهما ومد يده لها بعلبة شكولاتة وباقة ورود

"أعتذر عن القدوم في وقتٍ متأخر وأيضًا عن الترحيب الذي تأخر شهورًا"

نسيت نفسها وردت بإحدى ابتساماتها البلهاء ومدت يدها دون أن تفارق عيناها عينيه، لتندفع شذى بغيظ وتقف بينهما وتأخذ منه العلبة وباقة الورود

"تفضلا في غرفة الجلوس"

رمقتها روض بحنق ونظرات قاتلة فمالت عليها حين تقدمهما الاثنان

"تمالكي نفسكِ .. تكادين تذوبين على الأرض"

ضربت الأرض بقدميها مندفعة خلفهما لولا أن أمسكت ذراعها هاتفة

"انتظري .. خذي هذه الأشياء وبدلي هذا الإسدال بشيء لائق ريثما أحضر الضيافة"

حدجتها بضيق قبل أن تندفع لتنفذ الأوامر تتابعها عينا شذى وقلبها يستشعر بالخطر .. لا يمكن أن تكون قد أساءت الفهم .. هل هذا سبب تبدل حالتها اليوم؟ ... أسرعت تطرد مخاوفها لتلحق بضيفيها، وعقلها يقرر التحدث مع روض قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة .. لا يمكنها أن تغامر بقلبها أبداً.

********************

أسرعت روض بعد أن بدلت ثيابها وتأكدت من طلتها في المرآة وتحركت بسرعة نحو غرفة الجلوس، ودخلتها بوجه محمر لتسمع أم حسن تخبره

"وهذه روض .. مجنونة قليلاً ومتهورة، لكنني أحببتها حقاً مثل ابنتي"

توقفت مكانها بصدمة وحنق اختفيا فور أن لمحت ابتسامته ونظراته المرحة وعادت حمرتها فاقتربت تجلس قرب أختها مغمغمة

"سامحكِ الله يا خالتي .. أنا مجنونة ومتهورة؟! .. لو بحثتِ في العالم كله لن تجدي واحدة في مثل عقلي ورزانتي"

وغمزت لها بمرح

"أنتِ تقولين هذا من وراء قلبكِ فقط"

ابتساماتها وغمزتها المرحة فعلت بقلبه الأفاعيل وقاوم حتى لا يستمر في النظر نحوها كي لا تفضحه عيناه .. التقت أعينهما لثانية قبل أن يشيحا عن بعضهما ويركزا فيما تقوله أمه

"عندما كان حسن يتصل كنت أطمئنه أنني لم أعد أشعر بالوحدة بعد انتقالكما هنا .. وحدثتهما عنكما كثيرًا، صحيح يا ولدي؟"

أومأ مبتسمًا

"صحيح يا أمي"

لكنّه لم يهتم وقتها سوى للاطمئنان عليها .. لو كان يعرف أنّها تتحدث عن ساحرته التي حلم طويلًا برؤيتها لترك كل شيء وعاد على جناح السرعة .. رفع عينيه فجأة ليضبطها تختلس النظر إليه، فأسرعت تشيح عينيها بارتباك وحمرة لذيذة من الخجل لامست خديها مذيبة قلبه أكثر.

"على ما أتذكر أنّ الحاجة قالت أنّك تُدرس الاقتصاد في الجامعة، صحيح يا دكتور؟"

انتبه على صوت شذى فالتفت لها وشعر بالدهشة لنظراتها المتنمرة التي ترميه بها .. هذه الفتاة لا تطيقه .. لماذا؟ .. أسرع يزيح أفكاره ويرد عندما رأى نظرات روض المترقبة

"نعم ومؤخرًا كنت في بعثة لبضعة أشهر وعدت اليوم بحمد الله"

أسرعت روض تقول بلهفة خانتها

"حمدًا لله على سلامتك"

وأطرقت بخجل عندما رمقها برقة وامتنان، بينما حدجتها شذى بنظرة مغتاظة .. مالت نحوها هامسة بخفوت شديد

"أقبل يديكِ ستتحولين لكريمة ذائبة خلال لحظات"

اشتدت حمرتها بينما قالت أم حسن دون أن تنتبه لما يدور بين ثلاثتهم مع تركيزها على هدفها من الزيارة

"ابني ما شاء الله عليه .. علم وتفوق وأخلاق .. لا يوجد مثله"

أكد قلب روض على كلماتها متقافزًا .. آه والله لا يوجد مثله .. رددت بتنهيدة هيام داخلية .. فيما تتابع أمه

"محظوظة هي من ستكون من نصيبه"

محظوظة جدًا والله .. همست مؤكدة قبل أن تلكزها شذى فانتبهت أنّ همستها كانت شبه مسموعة .. شحب وجهها ورفعت عينيها إليه لتجده يقاوم ضحكته بصعوبة بينما رمقتها أم حسن مليًا، فأسرعت شذى مقاطعة أفكارها

"لماذا لا تشربان؟ .. تفضلا الشاي"

أسرع حسن بارتباك يتناول كوبًا منحه لأمه ثم حمل الآخر .. قطب عندما قربّه لفمه وأخذ نفسًا بدهشة فأخبرته بسرعة

"إنّه شاي ورد"

نظر لها مبتسمًا وقال

"لم أذقه من قبل"

أخذ رشفة تحت أنظارها وارتفع حاجباه قبل أن يتذوقه مجددًا ويردد

"طعمه رائع .. أحببته"

قفز قلبها مع كلمته كأنّه اعترف بحبه لها هي لا للشاي، وأسرعت مرددة بلهفة

"أنا صنعته"

اتسعت ابتسامته وقال بإعجاب

"سلمت يداكِ آنسة روض .. إنّه مذهل"

احمرت وجنتاها وغمغمت

"سعيدة أنّه أعجبك"

"جدًا .. سأستأذنكِ في وصفته لأصنعه بنفسي"

صمت لحظة قبل أن يخبرها بمرح

"وإلا ستجدينني قافزًا عندكِ يوميًا لأشربه"

كزت شذى على أسنانها وهي تراقب النظرات المتبادلة والحوار العاطفي المبتذل الذي يرفع ضغطها حتى كاد ينفجر بينما أختها تهمس بخجل

"البيت بيتك يا دكتور حسن .. تُشرفنا في أي وقت وبالنسبة للشاي فـ"

أسرعت شذى تتدخل بخشونة

"بالنسبة للشاي فلا أسهل من صنعه .. الوصفة بسيطة ويمكنك صنعها بسهولة"

رمقها باستغراب مندهشًا من هجومها، ومالت هي نحو روض هامسة بحنق

"اضبطي نفسكِ يا مدلوقة هانم أقبل يديكِ"

رمقتها شذرًا قبل أن تبتسم له ولأمه بحرج عندما لاحظت نظراتهما .. عادت شذى تلتفت نحوهما مرددة بدبلوماسية

"روض متخصصة في صنع مشروبات الأعشاب بأنواعها وهي تنسى نفسها عندما يُفتح أمامها الحديث عنها"

وضحكت بافتعال

"كانت ستصدعكما إن بدأت الحديث عن كيفية إعداد شاي الورد وفوائده الطبية وأثره على النفس ولم تكن لتصمت حتى الصباح"

ضحكت أم حسن وابتسم هو بحنان جعل قلب روض يذوب ولهًا وزاد ذوبانًا حين قال

"يمكنني الاستماع للصباح دون أي مشاكل"

حدجته شذى بنظرات كالخناجر، على عكس أختها التي هامت نظراتها وبصعوبة قاومت شذى حتى لا تشدها من شعرها أو تقوم لتلكم وجهه الوسيم المستفز .. ولا كأنّها جالسة معهما! .. لو تركت لهما الحبل على الغارب سيتغازلان بكل وقاحة أمامهما .. تنفست بعمق وعادت تخبره ببرود

"أنرتنا يا دكتور حسن .. لا تعرف كم أنا سعيدة بالتعرف عليك"

كاد يغص بالشاي مع نظراتها بينما لم يبد على أمه أن انتبهت لها وقد راقتها كلماتها فأسرعت تمسك طرف الخيط قائلة

"وحسن أيضًا كان متلهفًا ليتعرف عليكما من كثرة ما كلمته عنكما"

وطافت عيناها على وجه شذى بتلميحات واضحة

"ما شاء الله جمال وأخلاق وأصل .. تبارك ربي"

بهتت ابتسامة روض وانسحب لونها وهي تنقل بصرها بينهما منتبهة لما غاب عنها .. وتذكرت زيارة أم حسن الأولى وتعليقاتها هي شخصيًا عن إعجابها بشذى وأنّها لا بد فكرت فيها عروسًا لابنها .. نظراتها الآن وتلميحاتها وإصرارها على زيارتهما فور عودته .. كل هذا يعني أنّها حضرت معه الآن لتريه العروس التي اختارتها.

انتبه هو لشحوبها ولم يتمالك إيقاف نفسه من سؤالها

"آنسة روض .. أنتِ بخير؟"

التفتت شذى نحوها وهالها شحوبها الواضح

"روض .. ما بكِ حبيبتي؟"

نهضت ببطء متمتمة

"آسفة .. شعرت بالتوعك فجأة .. لا أعرف ماذا أصابني"

غمغمت أم حسن بأسف

"يا حبيبتي .. ربما أخذتِ دور برد .. رأيتكِ تخرجين في الصباح والجو بارد للأسف وثيابكِ كانت خفيفة"

هزت رأسها بلا معنى ثم قالت وهي تتماسك بصعوبة مستشعرة دموعها قريبة

"أعتذر منكم .. سأذهب لأرتاح قليلًا"

هب واقفًا وقال

"بالطبع .. تفضلي .. نحن سنستأذن .. هيا يا أمي"

نهضت معه وقامت شذى بالتبعية وعيناها على أختها بقلق بينما أكمل بنبرة رقيقة

"ألف سلامة آنسة روض .. إن شاء الله ترتاحين وتصبحين أفضل"

أومأت بشحوب وأسرعت إلى غرفتها تاركة شذى تودعهما، بينما هي لم تكد تغلق بابها حتى اندفعت إلى فراشها وقد غامت عيناها بالدموع وتبخرت كل سعادتها.

*******************

أغلق حسن الباب خلفه وهو مقطب بضيق وقلق بينما جلست أمه على الأريكة وتمتمت وهي تخلع حجابها

"مسكينة هذه البنت .. يبدو أنّ صحتها على قدرها .. لاحظت أنّها مرضت بضع مرات خلال الأشهر الماضية"

ضاق قلبه بينما صورتها الشاحبة الحزينة لا تفارق عينيه وغمغم وهو يجلس

"إن شاء الله تكون بخير"

أمّنت قبل أن تعتدل تسأله بلهفة

"هه .. هل رأيتها؟ .. أعجبتك؟"

رقت نظراته وهو يفكر .. أعجبتني فقط؟ .. لقد فتنتني .. اليوم فقط تأكد أنّه لم يكن يهذي طيلة العام الماضي .. أياً كان ما ربطه بها لحظتها .. سحرًا أو قدرًا لا يهم .. المهم أنّها وشمت نفسها هناك .. داخل روحه .. لكنّه فقط يحتاج ليتعرف عليها أكثر .. ولا خطوة أصح إلا أن يتقدم لخطبتها في الحال .. كاد يخبر أمه برغبته لكنّه تراجع وقرر التمهل ... ماذا لو كان رأيها فيه مختلف؟ .. ماذا لو كانت لا تريد الزواج؟ .. كم قالت أمه عمرها؟ .. لا يتذكر .. كاد يلتفت ويسألها حين سمعها تردد بتسل

"من نظراتك يبدو أنّها أعجبتك كثيرًا .. هل وقعت بهذه السرعة؟"

هو واقع من زمن طويل .. اكتفى بابتسامة صغيرة اختفت فور أن تابعت

"صحيح كنت أفضل لو كانت أصغر سنًا وأيضًا لو كانت ترتدي الحجاب لكن لا بأس .. يكفي جمالها وشهادتها وعقلها، ويمكنها ارتداء الحجاب بعد زواجكما"

التفت لها مقطبًا بحيرة ثم انقبض قلبه وهو يتذكر مكالمة رباب وتلميحات أمه عن العروس الشقراء .. كلمات أمه قبل قليل ونظراتها لشذى ... هل كانت تقصدها هي؟ .. لم تقصد روض .. سمعها تقول بقلق

"ما الأمر يا حبيبي؟ .. لماذا تغير وجهك هكذا؟"

أمه وضعت شذى في مخططاتها وستفعل أي شيء لتقنعه بها .. لكن لا بأس .. هي ستتنازل عندما تعرف بحبه لروض .. سيخبرها لاحقًا عندما يتأكد من مشاعر روض نحوه .. ونهض متمتمًا بابتسامة باهتة

"لم أرتح بعد عودتي يا أمي .. أشعر بالصداع وأريد النوم قليلًا"

نهضت بلهفة

"هل أصنع لك مشروبًا مهدئًا؟"

غامت عيناه وابتسم بحنان

"شكرًا يا أمي .. أعتقد أنّ شاي الورد سيقوم بالمهمة"

وقبل رأسها

"تصبحين على خير يا ست الكل"

احتضنته بحب

"وأنت من أهل الخير يا حبيبي"

وتابعت خطواته نحو غرفته وقلبها يدعو بحرارة أن يكتب له السعادة ويرزقها رؤية صغاره قريبًا.

**********************

طرقت شذى باب غرفة أختها ونادتها بقلق

"روض حبيبتي .. سأدخل"

دلفت عندما لم تسمع ردها وضاق قلبها حين رأتها مرتمية على بطنها فوق الفراش

"روض .. ماذا حدث؟ .. أنتِ بخير؟"

لوهلة ظنت مكروهًا أصابها لولا حركتها البسيطة .. حاولت إدارتها نحوها لكنّها قاومت .. أجبرتها شذى على مواجهتها ونظرت بدهشة لدموعها

"أنتِ تبكين؟ .. ما الأمر؟"

اعتدلت روض شاهقة ببكاء فهتفت فيها بجزع

"ماذا أصابكِ يا روض؟ .. كنتِ تمزحين وتمرحين قبل قليل"

دفنت وجهها بين كفيها وبكت بطريقة غريبة

"روض .. انطقي يا بنت أنتِ ترعبينني"

غمغمت بكلمات وجدت شذى صعوبة في التقاطها

"هي تريدكِ أنتِ .. أنا .. لست .. لماذا أنا؟ .. ماذا فعلت لها؟"

قطبت وهي تجبرها على النظر إليها

"ماذا تقولين؟ .. هل تهذين يا روض؟"

"لماذا لم تحبني أنا؟ .. هل أنا قبيحة؟"

رددت ودموعها تسيل، وحدقت فيها شذى بغباء بينما تتابع بحنق طفولي

"وأنا التي كنت أُحضِر لها أحد مستحضراتي من أجل مفاصلها المتعبة وكنت سأذهب لأضعه لها بنفسي"

قطبت محاولة الفهم قبل أن تنهض هاتفة باستنكار

"نعم يا حبيبتي؟ .. كل هذه المناحة من أجل السيد حسن وأمه .. هل جُننتِ يا روض؟"

زمت شفتيها باكية

"أنتِ لا تفهمين شيئًا"

اقتربت لتتحسس جبينها مرددة

"هل أنتِ محمومة؟ .. حرارتكِ عادية .. ماذا دهاكِ لكل هذا يا حبة عيني أخبريني؟"

أشاحت بوجهها في صمت وضمت ركبتيها لصدرها .. رمقتها شذى مقطبة ثم قالت

"من بداية اليوم وأنتِ غير طبيعية .. وقبل قليل تحولتِ إلى كريمة سائحة بسبب حسن ابن أم حسن .. هل ستعترفين بما أشك فيه أم انتزع اعترافاتكِ بطريقتي؟"

هتفت فيها طفولية

"نعم أنا هكذا بسبب حسن ابن أم حسن، ارتحتِ؟"

تراجعت مصدومة رغم توقعها مسبقًا ثم صاحت باستنكار

"نعم؟ .. منذ متى يا روض؟ .. أنتِ لم تري المحروس إلا اليوم"

"لا تتحدثي عنه بهذه الطريقة لو سمحتِ"

أخبرتها بتذمر معترض، فتلفتت شذى حولها كأنما تبحث عن شيء تضربها به ثم زفرت بقوة وتخصرت قائلة

"لا أتحدث عنه بهذه الطريقة؟ .. تمام يا ست روض .. سأتهذب وأنا أتحدث عن السيد المبجل"

واقتربت تجلس جوارها مواصلة

"تريدين أن تقنعيني أن حالتكِ هذه بسبب شخص لم تريه إلا اليوم"

ضمت قلادتها بكفها وتمتمت بوجه محمر

"في الحقيقة .. قابلته من قبل"

"ماذا؟"

سألتها بدهشة فأومأت روض

"تذكرين رحلة المصيف السنة الماضية؟"

هزت رأسها فتابعت روض وعيناها تشردان بحنين

"رأيته وقتها .. كانت مصادفة .. هو أنقذني من السقوط عن الصخرة وأنا دون أن أشعر وقعت"

رددت ببلاهة

"وقعتِ؟"

أومأت هامسة بهيام

"وقعت في حبه"

شهقت شذى هاتفة

"وقعتِ في حب من؟ .. حسن هذا؟ .. لا بد أنّكِ تمزحين"

التفتت لها مقطبة

"لماذا تستنكرين هكذا؟ .. ما به حسن؟ .. يبدو لطيفًا ومهذبًا للغاية"

أغمضت شذى ممسكة بين عينيها

"هذا ما كنت أخشاه"

قطبت روض بضيق فأسرعت تخبرها برفق

"روض يا حبيبتي .. افهميني .. الأمر كله غير مقنع .. كيف تحبين شخصًا هكذا من لقاء واحد؟ .. شخصًا لا تعرفين عنه أي شيء .. من يضمن لكِ أنّه محترم وعلى خُلق؟ .. من أين تأكدتِ أنّه الشخص الذي يستحق أن تمنحيه ثقتكِ وعمركِ القادم؟"

رمقتها بصمت كأنما تفكر في كلامها فتابعت

"صحيح أنني لا أؤمن بهذه الأشياء ولا أثق بالرجال لكني أعرف أنّ الحب الحقيقي إن وجد فهو مثل الزهور يحتاج للبذر والرعاية حتى يكبر ويزهر ويصبح نبتة مخضرة يانعة .. الحب لا يحدث فجأة هكذا روض"

غمغمت بعد لحظات

"أعرف وأفهم جيدًا ما تقولين لكن .. أنا لا أفهم ما حدث لحظة قابلته .. كل ما أعرفه أنّ شيئًا ساحرًا حصل .. ربما كانت إشارة من القدر .. لا أقول أنّه أحبني أو أنني شعرت نحوه بذلك الحب الذي تتحدثين عنه .. ربما تكون بداية لشيء جميل"

وغامت عيناها قليلًا لتتابع

"ربما هذه هي البذرة التي تحدثتِ عنها .. البذرة التي تحتاجنا معًا لنتعهدها ونرعاها حتى تزهر"

صمتت شذى بغير رضا وقلبها يختنق خوفًا على أختها الحالمة

"قلبي يخبرني بهذا يا شذى .. أنا لم أنسه كل هذا الوقت وظللت ألوم نفسي أنني هربت منه يومها وظللت أسأل نفسي ماذا لو لم أهرب؟ .. وإن كان القدر سيجمعنا مرة أخرى؟"

ونظرت لها بعينين تمتلآن أملًا ورجاء ويدها تقبض على القلادة

"وها قد أعطاني القدر فرصة أخرى لأعرف الجواب .. قلبي كان يشعر قبل أن آتي إلى هنا أنّ شيئًا يوشك أن يحدث لكنني لم أفهمه وقتها .. الآن فهمت"

أطرقت شذى محاولة التحكم في مخاوفها بينما روض تهمس لها

"اسمحي لي بخوض التجربة لنهايتها يا شذى وأعدكِ .. لن يحدث إلا ما يطمئنكِ"

واحتضنت كفها مردفة

"وجودكِ معي وثقتكِ بي سيمنعاني من الخطأ .. أنتِ بنفسكِ ستحمينني من مصير أمي .. أنا أثق بكِ"

قالتها ومالت تحتضنها مكررة وعدها، بينما قلب شذى يحاول جاهدًا أن يتفهمها ويبعد مخاوفها من تكرار مصير أمهما الحالمة وحظها السيء مع الرجال.

******************

التعليقات

200

المشاهدات

30,000

الإعجابات

500

شرفنا بوجودك، اشترك من هنا

اقرأ أيضًا

غلاف قصة أو أشد قسوة
أو أشدُ قسوة

في ذاتِ نكبةٍ انحدروا كالموتِ الأسود على الأرضِ المباركة؛ فعاثوا فيها فسادًا وترويعًا. تناقلت الريحُ أخبارهم وتزلزلت الأرضُ رفضًا وكُرهًا. أنّت أنينًا...

اقرأ المزيد