المقدمة
"أخيرًا أتيت؟ هل تعرف كم كلفني انتظار أحدكما ليحضر الملف؟"
هتف حسن ما أن دخل زياد المكتب وتابع بنزق
"وصديقك التائه ذاك ماذا دهاه اليوم، ليأخذ الملف الخطأ؟ لقد سببتما لي خسارة كبيرة"
رمقه بغيظ قبل أن يلقي الملف على المكتب
"اعذرنا يا سيد حسن إن كنا عطلناك عن الأمر العظيم والمهم الذي أنا متأكد أنه لن يخرج عن إطار هوايتك المفضلة في التسكع مع الفتيات"
ضحك وهو يلتقط الملف وردد بلا مبالة
"هل ادعيت يومًا عكس حقيقتي يا صديقي؟ أنا أحب النساء، لا أكذب ولا أتجمل، لست رجل امرأة واحدة مثلك ولا متزمتًا كصديقنا علي"
رفع عينيه للسماء وتمتم من بين أسنانه
"نحن في نعمة لا تدركها، وعلي ليس متزمتًا. إنّه ملتزم وهناك فرق كبير، كما أنه يحترم حقيقة أن لديه شقيقة لا يحب أن يتجاوز أحدهم بحقها كما تفعل أنت"
أشار بكفه متمتمًا بابتسامة مستمتعة
"زياد يا صديقي، الأمر بسيط جدًا. إن كانت الحديقة مليئة بالزهور الجميلة بمختلف الألوان والعطور فلماذا تريدني أن أكون غبيًا وأتمسك بزهرة واحدة؟ النساء مثل الزهور كل واحدة لها عطرها وجمالها الذي تفقده بعد وقت وتذبل، لذا عليك ما أن تشعر أن عطرها بدأ ينفد أن تبدأ البحث عن زهرة فواحة أكثر جمالًا"
ضربه على كتفه بقوة
"هل تعرف شيئًا؟ أشعر أنك ستدفع ثمن نظريتك البديعة هذه قريبًا"
"بربك لا تقل أنني سأجد المرأة التي تجعلني أشعر بخطأ نظريتي والتي ستصيبني فور رؤيتها بتعويذة سحرية تجعلني أسيرها وأصبح كما تتمنى أنت وصديقك، رجل امرأة واحدة. هذا يا صديقي لا يحدث سوى في الأفلام والروايات، وأنا... واقعي للغاية"
لوى شفتيه بتشف
"لا، لم أقصد هذا. قصدت أنه ربما وقعت مع إحداهن والتي لسوء حظك سيكون لديها عشرة من الأشقاء الذكور ضخام الجثة والذين سيسعدون بدق عظامك واحدة تلو أخرى لأنك فكرت في الاقتراب من شرفهم"
اقشعر جسده وهو يتخيل المشهد الذي رسمه زياد
وتراجع في مقعده مردفًا بعناد
"لكن لا بأس، الكل يعرف أنه لتصل للورود عليك تحمل أشواكها"
غمغم زياد بيأس
"لا فائدة من الحديث معك. عليّ الذهاب، أراك لاحقًا"
نهض قائلًا بأسف
"نسيت أنك عدت لتوك من السفر. آسف يا زياد والحمد لله على سلامتك، كيف كان المؤتمر؟"
أجابه وهو يتحرك
"جيد، سنتحدث لاحقًا بشأنه لكن عليّ الذهاب الآن"
"حسنًا، أراك لاحقًا"
ما أن غادر زياد حتى رن هاتفه، ابتسم ما أن رأى اسم المتصل ورد
"مرحبًا بصداعي المزمن"
ضحك عندما وصله صوتها المتذمر
"أنا صداعك المزمن يا حسن؟ شكرًا على ذوقك"
ارتفعت ضحكته أكثر
"عندما تتوقفين عن مساعدة أمي في خططها الشريرة ضدي سأتوقف عن اعتبارك كذلك"
وصلته تنهيدتها قبل أن تقول
"الحق عليّ أنا، لماذا لا أركز مع زوجي وبيتي أفضل من إتعاب قلبي معك؟"
"سيكون أفضل بكثير، توقفي عن إزعاجي وإلا سأشكوكِ لزوجكِ"
صمتت قليلًا ثم تمتمت
"حسن، تعرف أنني لا أحب التدخل في حياتك الشخصية وتعرف أيضًا كم أحبك"
"أعرف حبيبتي"
أجابها مبتسمًا فردت بيأس مصطنع
"وتعرف كم هي عنيدة وديكتاتورة كبيرة والدتك، أنت لا تعرف حجم الضغط الذي تمارسه عليّ"
ضحك مرددًا
"فتريحين رأسكِ على حسابي أنا يا رباب هانم"
تنهدت مطولًا
"سامحني يا أخي، حكم القوي"
صمتت لحظة ثم سمع همساتها الجانبية لتعود بعدها قائلة بضحكة
"أحمد يرسل لك تحياته ويخبرك أنّه متضامن معك"
"أبلغيه شكري البالغ وامتناني حتى أصل وأبلغه بنفسي"
رددت بحبور
"وأنا التي ظننتك ستحاول الهرب من اتفاقنا واتصلت لأجبرك على الحضور"
نظر في ساعته ورد مشاكسًا
"وهل أجرؤ؟ أنا قادم. أعدي المائدة العامرة فأنا واقع من الجوع"
"إذن لا تتأخر يا دكتور وإلا فأنت تعلم، الغائب ليس له نائب"
أخبرته محذرة فتنهد بحسرة مفتعلة
"وماذا تفعلين يا حبيبة أخيكِ؟ احمي نصيبي من المفترسين حتى أحضر"
"من عيوني"
"سلمت عيونكِ"
ودعها بعد لحظات وتراجع في مقعده محاولًا الاسترخاء استعدادًا لمعركته القريبة مع أمه بعد أن يرفض العروس الجديدة الي اختارتها له... كالعادة.
*********************
لمعت عيناها وهي تحمل عصا اختبار ورقية وتضعها في زجاجة مليئة بأحد زيوتها العطرية. أغمضت عينيها وهي تخرجها وتقربها من أنفها، فتحت حواسها وسمحت للرائحة أن تتغلغل داخلها معانقة كل خلاياها لتتسع ابتسامتها الهائمة. فتحت عينيها بعد ثوان وهمست بحماس وهي تلتقط إحدى أنابيب الاختبار وبالبيد الأخرى قطارة مدرجة وضعتها بزجاجة الزيت العطري لتسحب منها قليلًا بحساب
"والآن لنرى هل ستصلين إليها كما حلمت تمامًا أم لا؟"
وابتسمت وقلبها ينبض بعشق ليس لبشر
"هيا يا روض، افتحي الأبواب عن آخرها وأطلقي تعويذتكِ الجديدة"
****************
شرفنا بوجودك، اشترك من هنا
جميع التعليقات
Mai Mahfouz
رائع.. شكرًا لكِ.
Mai Mahfouz
رائع.. شكرًا لكِ.
Mai Mahfouz
شكرًا.